Tuesday, December 27, 2005

مددت يدي

قالت فيم تفكر ؟

-لو قلت ستضحكين
-إذن أرجوك قل ، أتمني أن أضحك
-يحزنني أن هذا الغراب علي تلك الشجرة تعيس.و يحزنني أن يكره الناس في العالم هذا الغراب مع أنني لم أسمع أنه آذي إنسانا
-تحزن للغراب وتحزن لغادة الكاميليا .ألا تهتم بأمرنا نحن البشر من لحم و دم ؟
-كففت عن ذلك منذ زمن
***************
قرب نهاية الإسبوع اتصل بي كمال في التليفون وكان منفعلاً. قال أنه فعلها .فعلها أخيراً و استراح. قال أنه كان يعتقد أن كل ما يشكو منه الصداع ، الأرق ، الكوابيس، نوبات البكاء كلها ترجع إلي موجات الكهرباء و لكنه كان مخطئا . سألته أية كهرباء ، فقال ألا تعرف أنه في هذا البلد توجد أعاصير كهربية في أيام معينة تؤثر علي المخ ؟ قلت له أنني لم أسمع بذلك ، فقال هذه حقيقة معروفة ألا تري أن كل الناس يتصرفون تصرفات غريبة ؟ قلت له أنني مندهش لأنني أراهم مع ذلك أذكياء في تدبير أمورهم ، ناجحين في أعمالهم ، أثرياء و صحتهم جيدة .فهل تصيب هذه الكهرباء أجزاء معينة من المخ و تترك أجزاء أخري ؟هل تصيب أناساً و تترك آخرين ؟ قال لي كمال و هو ما يزال منفعلاً أنت تنظر إلي الأمور من السطح ، كل هذه الأشياء لعب من الكرتون. البيوت العالية و المصانع الهائلة و الطائرات السريعة و المقابر ذات التماثيل و الزهور.كل هذه لعب من الكرتون لا تخدع سوي الأطفال.أنظر إلي الداخل ولن تجد سوي الخرائب.أنظر لمن يكلمون أنفسهم في الطرقات . لمن يجلسون في المقاهي يحدقون بنظرات كعيون الأسماك الميتة .أنظر لهذه الوحدة و الجنون و الكراهية.ما الذي يرغمنا علي ذلك ؟ هذا الكون رحب و رائع لكننا ندفن أنفسنا في جلودنا ،تعمي عيوننا عن النعيم الحقيقي و الفرح الحقيقي ، فلماذا لا أفتح عيني .لماذا لا أفعل مثله .لماذا لا أقرأ الكتاب ؟
سألته ماذا سيفعل الآن فقال أنه استقال من البنك و أنه ينوي أن يعود إلي مصر و ينصحني أن أعود معه.نبني بيتاً في مكان ما في الصحراء.خلفنا الخلاء و أمامنا البحر و فوقنا السماء.نعيش بعيداً عن التكالب و عن الزحام و عن شجار الأطفال الدنيويين الذين لم يعرفوا نضج العقل المجرب و لا براءة العمر المبكر.نعيش ما بقي من عمرنا فرحة حقيقية في ذلك النعيم السماوي
شكرته و قلت له أنني أتمني له السعادة التي تريدها و أنني سأفكر
************
لم أذهب للبيت ، لم أذهب للعمل ، لم أذهب لمكان
و لكنني في المساء كنت في الفراش
هل كنت نائماً أم كنت مستيقظاً عندما خفق في الغرفة ذلك الجناح ، و هل كان صقرا أن حلما ذلك الذي رأيت ؟
مددت يدي. كنت أسمع الحفيف و مددت يدي . انبثقت أنوار و ألوان لم أر مثل جمالها و حفيف الجناحين من حولي.ومددت يدي .كنت أبكي دون صوت و لا دموع و لكنني مددت يدي
قصة بالأمس حلمت بك -بهاء طاهر

Sunday, December 18, 2005

رقصة


واقفاً
ضع كفيك خلف رأسك
واثنِ ركبتيك بأرجل مفتوحة
ثم لف في دوائر حلزونية.
أثناء ذلك كله
احرص على تبادل الوقوف على إحدى قدميك:
أنت الآن تفرح.
سأمنحك هذه:
وحده الطين يكفي لصنع البشر

هدى حسين – من ديوان نحن المجانين

Saturday, December 10, 2005

البعيد

فكل ما أحببت
اخذه مني الجنون
والموتُ
.........................
نقاهة الطفولة :
فلنغلق أعيننا برهة
ليمكننا أن نسمع السكاكين و الشوكات و هي تسقط في الدرج
ليمكننا أن نسمع حفيف ثوبها في الممر
وابتسامة السيدة العذراء تطوف بحاجز الأيقونات
في الغد لن نكون مرضي بعد. أنظر في الترمومتر
ما يزال دافئا من ابطنا
أبانا الذي في السماء
فلتقل لإبنة عمي الصغيرة أن تأتي غداً
كي نستطيع أن نقوم بنزهة قصيرة في الغابة مع الأيل
سأجمع لوزاً طازجاً لها
أيل أزرق سيأتي ، يا أبانا
لنستطيع النوم
أيل أزرق أزرق
يا أبانا
الذي
في السماء
تأخير:
متأخرون دائماً.وساعتنا أيضاً مخطئة.بطيئة
نبحث عن مقعد في الظلام
مثل تلك المرة في نهاية المسرحية
-مر وقت طويل من العرض-
ونحن نسقط علي ركبنا في الممشي و فوق المساند الخلفية
و فجأة يضيئون الأنوار وسط التصفيق
و نحن واقفون ، مانزال نبحث ، كأنهم يصفقون لنا
نحن من لا نستحق
انتهينا إلي أول مقعد
و نحن ندوس علي أقدام عجوز قبيحة
لم تصرخ
يانيس ريتسوس
ترجمة : رفعت سلام

Tuesday, December 06, 2005

يعلنون من مكنون خيالهم

إن زمن الله قيلولة أسمائه بلا نهارات وإن زمن الإنسان خطيئة معلقة علي رقبة الشمس ، هم أبناء الشمس الذين عزموا علي رؤية ل شيء و النظر إلي كل شيء ، و ممارسة لذات كل شيء لأنهم عيون الرب في وجوده ، يري بهم كل شيء و ينظر بهم كل شيء و يلت بهم كل شيء ،و الحقيقة تعني توسلات الرؤيا لجسور السواحل في الظهور

Saturday, December 03, 2005

خزي

رواية خزي من الروايات رفيعة المستوي التي قرأتها ، و لا أريد تشبيهها بغير هذه الكلمة لأنني أكره نقد الروايات ، حينما قرأت نقد لهذه الرواية أفسدت عليّ متعتي بهذه الرواية ، أعتقد أن في اختصار أحداث الرواية و تصنيفها سواء فلسفية أو اجتماعية إخلال بآداب الكاتب الذي تفاني في الكتابة ، والمحاولة من قتل الموهبة
إذا فقط هي كانت رفيعة المستوي
***************
زواج كرونوس و هارموني :أمر شاذ.علي هذه الأساس أصدرت المحكمة عقابها ،إذا ما عرّينا الكلمات المنمّقة .لقد حوكم بسبب إسلوبه في الحياة ،لأفعاله الشاذة :لأنه أعطي بذوراً عجوزاً ،بذوراً منهكة ،بذوراً خاملة ،غير طبيعية .فإذا ما نكح الرجال العجائز النساء الصغيرات ،فماذا سيكون مستقبل الجنس البشري ؟ هذه ،في أعماقها ، كانت القضية بالنسبة إلي المدّعي .إن نصف نتاج الأدبي يدور حول هذه الموضوع :نساء صغيرات يجاهدن للإفلات من وطأة ثقل رجال عجائز عليهن ،لصالح الجنس البشري
تنهّد .الشبان متشابكو الأذرع ،طائشون ، مستغرقون في الموسيقي الحسّية .هذا البلد ليس للعجائز .يبدو أنه يهدرالكثير من الوقت في التنهّد .إنه الندم : نغمة تدعو للأسف يبدأ بها من جديد
.......................
كرونوس أو ساترن أو زحل : أشهر عمالقة التاتيان في الأساطير اليونانية .خصي أباه و تزوج أخته
هارموني:في الأساطير اليونانية ، ابنة آريس و أفروديت ، تزوجها قدموس مؤسس طيبة ،عرف أبنا ؤها شقاء كثيراً
************
كانت لوسي علي خطأ، لم يكونوا يغتصبون ،كانوا يتزوجون .لم يكن مبدأ اللذة هو الذي يحكم العرض و إنما هو الخُصي
أكياس منتفخة بنُطَفٍ تتوجّع لتحقق اكتمالها. والآن ،انظروا ،هاهو الطفل ! إنه يسميه طفلاً مع إنه ليس أكثر من دودة في رحم ابنته ، أي نوع من الأطفال يمكن لنطفة كتلك أن تنتج ، نطفة وُضعتْ داخل امرأة ليس بفعل الحب ،وإنما بفعل الكراهية ، اجتمعوا عمائيّاً ،لبذرها ، لدمغها ، كبول كلب ؟
والد ليس لديه أي رغبة في الحصول علي ابن : أهكذا سينتهي الأمر ؟ ،أإلي هنا ستفضي مسيرته ، مثل ماء يقطُر علي الأرض ؟ مَنْ كان يظن أن هذا سيحدث ! إنه يوم كغيره من الأيام ، سماءٌ صافية ،وشمسٌ معتدلة الحرارة ، ولكن فجأة تغيّر كل شيء ، تغير تغيّراً كاملاً !
وقف مستنداً إلي الجدار خارج المطبخ ، مُخفياً وجهه براحتيّ يديه ، و أخذ يجيش و يجيش و أخيراً بكي
رواية خزي -ج .م.كويتزي
ترجمة :أسامة منزلجي