Wednesday, November 16, 2005

الكلاب عند مدحت


) ) كلهم كلاب ))..يجلسون في البيت مرتاحين و يبعثون بي إلي البقال و الجزار لأموت من الخجل.لماذا لا ينزل سمير مرة ؟ أم أنه (بيه)لأنه في الجامعة ؟ أنا لم أعد صغيراً أيضاً..ألست رجلاً؟ و لماذا يتأخر المعاش ؟و كم سيكون علي أيه حال ؟كان سمير يقول أن المعاش قليل لن يكفي لشيء. و مادام المعاش قليلا فلابد أن المرتب كان قليلا .اذن كيف كان أبي يدبر أن نعيش هذه المعيشة بمرتب قليل ؟آه لن أنس ما قاله هذا الكلب في سرادق العزاء . الكلب . في سرادق العزاء و يقول ...و لكن لا ..لا لن أفكر في هذه ..في المدرسة ، في المدرسة ينظر إليّ الأولاد بعطف .كم أكره هذا .. منير كان يخاصمني فصالحني بعد أن مات أبي. كأنه يعطيني حسنة .الكلب..سأخاصمه في أقرب وقت.لا أريد حسنة من أحد. و عمي حامد يبدأ بالشكوي حتي لا يطلب أحد منه شيئا((أريد أن أترك التجارة )) ((أم شوقي مريضة ))((ماذا أخذت من الدنيا))..لماذا يقول هذا الكلام ؟ و من طلب منه شيئا؟ أمي تريد أن تزوج ليلي لشوقي و عمي حامد يتظاهر أنه لا يفهم...لو كنت أستطيع أن أقول لها كي تكف عن هذا ..و لكن ألم يكن يستطيع أن يأتي إلي البيت دون أن يسكر؟..لم يمض شهر علي وفاة المرحوم و هاهو يأتي إلي البيت و هو سكران .. كان يسكر مع المرحوم أيضاً..لا، لن أفكر في هذا..لن أفكر..سوف أقرأ الفاتحة خمسين مرة حتي أنام بسم الله الرحمن الرحيم ..الحمد لله..أبي كان يصلي أيضا ، سوف يغفر الله له إن كان يسكر و لكن هل يغفر الله له أنه كان يسرق ؟ ماذا ؟ ما الذي يجعلني أفكر في هذه ؟ سامحني يا أبي..سامحني ..و لكن لا أستطيع أن أنسي. لا أستطيع أن أنسي هذه الكلب الأصلع في سرادق العزاء. لم يكن يظن أنني أسمع و لكني سمعت .. يضع يده علي فمه و يهمس لجاره النحيل (( المرحوم يعني كانت يده طويلة حبتين و لكن ربنا غفور رحيم )) و النحيل الكلب يضع يده علي فمه هو الآخر و يهز رأسه و كأنه متأثر .كلاب .كانوا يكرهون أبي، هذا كل ما في الأمر ..((بسم الله الرحمن الرحيم .. الحمد لله رب العالمين ..الرحمن الرحيم ..مالك يوم الدين ..إياك))..كان المرتب قليلا و كنا نعيش مرتاحين فكيف ؟ لم نكن نملك أرضا ..لم يكن عندنا شئ ..ربما كان أبي يقوم بعمل آخر . أي عمل ؟ ..لم يكن هناك عمل آخر . و لكن سامحني يا أبي لم أقصد ..كان أبي يصلي ..لا ، لن أبقي هكذا . الشيطان.الشيطان يضع في رأسي هذه الأفكار .
قام مدحت فجأة و الدموع في عينيه. مسحها بسرعة و دخل إلي غرفة الجلوس و جلس بجوار سمير ..

قصة فنجان قهوة -بهاء طاهر

0 Comments:

Post a Comment

<< Home