Friday, October 21, 2005

دالي و المرأة

أقابل في الحياة الإجتماعية ، علي فترات و بشكل رتيب ، نساء أنيقات ، متوسطات الجمال

((معصعصات )) بشكل وحشي ، يتشوقن حتي الموت لمعرفتي شخصيا

ً
و قد جرت المحادثة التالية بيني و بين إحداهن

:

المرأة :أنا أعرفك بالإسم فقط...

دالي : و أنا كذلك
المرأة :ربما لاحظت أني لم أتوقف مباشرة عندك .. أعتقد أنك فاتن
دالي : بالفعل
المرأة : لا تتملقني .. فأنت لم تنظر نحوي
دالي :أتحدث عن نفسي يا مدام
المرأة : أتساءل .. كيف تجعل شاربك يتجه إلي أعلي
دالي: البلح !
المرأة : لم أسمعك
دالي : البلح ، الفاكهة التي يحملها النخيل .. بعد الطعام أحلّي بالبلح ، و قبل أن أغسل أصابعي أمسح شاربي بها و ذلك يكفي لجعل الشارب واقفا
المرأة : أوه ..أوه
دالي :و هناك فائدة أخري..فإن حلاوة البلح تجذب إليها الذباب
المرأة : ذلك مريع !
دالي : يعجبني الذباب و لا أكون سعيداً إلا حين أكون عاريا في الشمس و الذباب يغطيني
و تساءلت المرأة و هي مقتنعة تماما ،بسبب لهجتي الصارمة الحادة بأن ما أقوله هو الحقيقة ..
المرأة: كيف يحب أن تغطيك الذباب ، تلك القذارة ..؟
دالي : أنا أكره الذباب القذر ، أحب فقط أنظف أنواع الذباب
المرأة : و كيف يمكنك أن تميز بين الذباب القذر و النظيف؟
دالي : أستطيع ذلك علي الفور ، فأنا لا أحب ذباب المدن القذر أو حتي ذباب القري ببطنه المنتفخة و لونه الأصفر كالمايونيز و أجنحته السوداء التي تبدو و كأنها غمست في مستحضر تلوين أهداب العيون. أحب الذباب النظيف ، السوبر، الذي يبدو كمن يرتدي حلة رمادية من بلنسيا ، يلمع كقوس قزح في جو صحو ، دقيق كالميكا ، بعيون بلون الجرانيت ، و بطون بلون أصفر نيبل ، مثل ذباب الزيتون الصغير في بورت ليجات حيث يعيش دالي و جالا فقط .الذباب الصغير الذي يحط علي الجانب الفضي المؤكد لورقة الزيتون ، جنيات البحر المتوسط ،ملهمات فلاسفة اليونان الذين قضوا حيواتهم في الشمس يغطيهم الذباب .إن التعبير الحالم المرسوم علي وجهك يجعلني أعتقد أن الذباب استمالك لصفه ، و أخيرا أقول لك إنه في اليوم الذي أنزعج فيه من الذباب الذي يغطيني، و أدرك أن أفكاري لم يعد لها قوة ذلك التيار الجنوني الذي هو دليل عبقريتي ، و إذا لم ألاحظ الذباب و أعره الإهتمام فذلك برهان أكيد بأني فقدت السيطرة علي موقفي الروحي
المرأة : يبدو أن لكل ما تقوله معني . هل شاربك -في الحقيقة-هو قرن الإستشعار الذي تتلقي من خلاله أفكارك ؟

عند هذا السؤال يكون دالي المبجّل قد حلّق بعيدا و تفوق علي نفسه .لقد زين كل أفكاره بشكل مغر و لذيذ كدانتيلا فيرمير

و لم يترك للمرأة ((العصعص)) سوي ((عصعصها))

يوميات عبقري- سلفادور دالي
ترجمة : أحمد عمر شاهين

0 Comments:

Post a Comment

<< Home