Monday, February 06, 2006

أمي العزيزة روحية

وصلنا خطابك . و علي الفور أرسلت كل طلباتك . فيما عدا مرهم البواسير . أرسلت أطلبه من بيروت ، أوصيت أكثر من واحدة منهم . أميرة و مشيرة و عديلة و سهام
أما بخصوص نصائحك كأم ، فأنت تعرفين أنها أصبحت في أيامنا لا نفع منها و لا جدوي ، و كلها تدور حول حرصي علي نفسي ، و أن ((آخذ بالي منها )) . و لا أعرف لماذا أربط في كل مرة بين كلمة : بال ، و بول . و قد تكون مجرد علاقة راحة بينهما . و قد يكون مجرد تشابه لغوي ، تمشيا مع خلقة أربعين من الشبه الواحد . كما قد يكون المقصود ، أخذ المرء -مثلي - لبوله و مجراه خاصة نحن النساء ، أقصد البنات
و لكي أريحك في ضنكك و محنتك ، أقول لك آخذ ، خاصة في الحمام علي البيدية ، قبل السيفون ، الذي حرمت منه كما قلت في خطابك قبل السابق
فأخذ البال و صفائه و روقانه ، متوفر في حالة واحدة . من حيث أن الأشياء لا بد أن تتعايش ، سواء تمثل هذا التعايش في العيش و أكله ، من حلق أفراننا ، علي طريقة رزق الدودة في الحجر ، كما اعتاد صديقك الأستاذ أن يتندر قبل مصرعه ، و اعتبار أن الأشياء لابد أن تتعايش تحت أي سماء و مجهر
و من هنا فما معني قولك حول ضرورة محافظتي و حرصي علي نفسي .إن حشرات مطبخي و فراشك تحرص علي وجودها . كيف أن الصراصير الصغيرة حين نطولها قد تتصنع الموت -حرصا علي وجودها - و قد تنزلق هاربة إلي حيث نفع من أن نطولها ، داخل شقوق النملية ، و فريزر ثلاجتنا ، و عند حواف البالوعات . إنها تهرب تبعا لحركة الضوء بدقة كبيرة ، يعادلها دقة ادعائها الموت و إدراكها الغريزي لميكانيزمات أذرعنا
ناهيك عن الحشرات الطائرة . أو النطاطة كما هو في حالات براغيث عنبرك . و سيبانات الدماغ
و لعلك تتأففين،و لكن هذا هو الحادث بالنسبة لمخاوفك حول حرصي ، أو قولي حراستي - لوهم - نفسي - فهو تصرف غريزي
طبعا أنا عارية في كل حالاتي و دقات قلبي بإزاء الموت
و قد يضايقك أن خصلة سهوي عن إطفاء البوتاجاز . أو قولي عبوري الشوارع - حدفا - المارقة فيها العربات من كل نوع و ماركة و لون
أتوبيسات و ترميات و بوكسات و دبابات و عربات مجنزرة و مصفحات بعرض حواري بلدتنا

قد يكون تصرفي غير الحريص بإزاء نفسي ، متمشياً مع اقول صاحبك ذاك المقطع ( كلمة محذوفة ) الأستاذ . من حيث الوقوف عند السلب ، أو قولي المآتم بدلا من الفرح ، أو ((اللد للموت و البناء للخراب )) كما يقول العرب . حيث لا يطرب البلبل بغنائه للحياة بقدر ماهو يغني للموت ((يا بن آدم عش ماشئت فإنك ميت ))

بل يمكنني محاصرة منطقكما أنت و أستاذك . من حيث إفلاتكما من قبضات القدر و قضائه ذاك القديم . و الإكتفاء ببديله الحديث . أقصد الصدفة
أليست هي بذاتها القدرية . أليست صنوها . هكذا تواتت حياتنا . أنا و أنت . إلي ماها عليه الآن . و أنت تقرئين خطابي علي برشك أو سريرك و قد تكونين منبطحة أرضا علي البلاط . بلاط زنزانة أو تخشيبة أو تأديب
الضحك و الدمامة -شوقي عبد الحكيم

0 Comments:

Post a Comment

<< Home