Sunday, March 12, 2006

أخذتها في حضني ، و صرت أثرثر ، أتكلم كلاماً كثيراً يأتي من مكان عميق مجهول في نفسي . الجنس .. الجنس أيقونة أيامنا هذا . أيقونة وحيدة صارت مقدسة ، ربما أكثر من أي شيء قدسه الناس طوال تاريخهم الطويل . الجنس بكل صوره و لغاته و أنواعه و أوضاعه طافح كفيضان عظيم هائل ، في ثرثرات النساء علي عتبات الدور في الأحياء الشعبية ، في نوادي الخاصة و الأثرياء ، في الأحاديث و الدردشات و النكت التي يتبادلها العمال و الموظفون و الأطباء و الفلاحون و الصحفيون و السياسيون و الفنانون و رجال الأعمال ، و كل الأعمال .. في البيوت ، و الشوارع و علي كراسي المقاهي و المكاتب و البارات . قلما يلتقي اثنان دون أن يجر أحدهما الكلام في اتجاه موضوع جنسي ، الفضائح الشخصية ، و الفضائح العامة ، مجتمع بأكمله يسبح فوق غابة من الأجساد العارية ، أجساد النساء و الشواذ ، العفيفات و العشيقات و الزوجات و المومسات و الفنانات و نساء الأعمال الجديدات..الجنس علي شاشات التلفزيزن و الفضائيات و الكمبيوتر و الإنترنت و السينما ، في مجلات البورنو السرية ، و الصحف العادية ، و الصفراء و السوداء ، و الكتب الجيدة و الكتب الرديئة .. موجود كنهر ، كجبل عظيم ، كهرم خوفو ، لكننا لا نعرف عنه شيئاً مطلقاً ، لا نلمسه و لا نحسه و لا نفهمه و لا نستمتع به ، نخجل و نخاف و يركبنا الرعب منه رعب إلقائنا في نار جهنم في الحياة الآخرة . نكتفي بأن نجعله مجرد عشبة برية لمداواة الجروح و الندوب و الأمراض و الخراب الشامل .. الجنس لا يفرض سلطانه سوي لأنه التعبير الأتم الكامل عن خراب حياتنا ، حياتنا هنا و الآن التي تجعل من المستحيل علي الواحد أن يقول شيئاً ما ، أي شيء عن الجنس .

سحر أسود - حمدي الجزّار

1 Comments:

Blogger mindonna said...

العفو :)
و أهلا بيك ف أي وقت

4:33 PM  

Post a Comment

<< Home