Wednesday, May 31, 2006

كما ذكرت ، ذهبت إلي نادي البلياردو . ذهبت خلف البار و راقبت فونت و هو ينظف السجاد بالمكنسة الكهربائية . علي وجهه نظرة دهشة سرمدية تجعل المرء يريد أن يجيب علي سؤال لم يطرح . الطريقة التي يحرك بها المكنسة فوق السجاد بحاجبيه المرفوعين و عينيه الواسعتين ، مدققا في المنعطفات و الزوايا الصعبة بين الطاولات ، تعطي الإنطباع بأنه لو استطاع فقط إدخال الماكينة في تلك الزاوية بالذات لوجد الإجابة علي كل ما كان يحيره
ـ يا فونت ، درافت باس ؟
ـ حسناً
فتحت زجاجتين من بيرة ستيلا المصرية و صببتهما في وعاء كبير ، ثم خفقت السائل حتي طلع كل الغاز منه . أضفت شيئاً من الفودكا و بعض الويسكي . كان ذلك هو أقرب شيء يمكننا الحصول عليه من الدرافت باس
هناك شارع متفرع من طريق إدجار في لندن ، حيث اعتادت عصابة من صبيان التيدي و عمال أيرلنديين و من شابه أن يلعبوا النرد علي الرصيف . نحن المصريون مقامرون . أينما يجتمع المصريون كن واثقا أنهم عاجلا أو آجلا سيبدأون قماراً . ليس لأننا نريد أن نكسب مالا أو أي شيء ، و لكن فقط لأننا نحب المقامرة . نحن كسالي و نحب الضحك . في حالة القمار فقط نضحك و نعمل بجد . مرة كسبت أنا و فونت الكثير من النقود علي ذلك الرصيف ، فذهبنا إلي محل فضيات في طريق إدجار و اشترينا قدحي بيرة من الفضة نحتفظ بيهما الآن وراء بار نادي البلياردو . كان إسمينا قد حفرا عليهما و تعاهدنا ألا نستخدمها إلا في شرب الدرافت باس . الآن صببت ما أعددت من القدحين و انتظرت أن يوقف فونت المكنسة
قال فونت : ليست سيئة ، كم قدحاً أعددت ؟
ـ حوالي لتر لكل منا
ـ سأكون عمراناً طوال النهار
قلت: أنا أيضا سأقضي النهار هنا
لو لم يكن فونت وحيداً للغاية ، ماكان تحدث معي أبداً ، و لكنه وحيد و يريد أن يناقش شيئا معي ، عرفت ذلك ، و إلا لكنت أكثر تروياً في المجئ و التحدث إليه
**********
وضع سخيف أن يجلس مصري في القاهرة حانقا بسبب موقف جيتسكل من تصنيع الأسلحة النووية في انجلترا و لكن ذلك لا يخطر ببال فونت . صحيح أن فونت كان قد بدأ بالحنق و بنفس الدرجة علي السياسة الداخلية المصرية و لكن ذلك كان أيضا سخيفاً ، مثلما كان (لاكي جيم) في انجلترا خلال ايام ديكنز
كان ذلك محاولة مثل محاولة دهن كعكة بالكريم بينما هي لا تزال في الفرن . فونت يعرف كيف يزين الكعكة و يكسوها و يزودها بأحدث الزخارف . و لكنه لا يعرف كيف يخبز واحدة . لهذا عليه أن ينتظر عبد الناصر ليخبزها له قبل أن يتمكن من إدخال تحسيناته عليها ، و هو ليس متأكداً تماما إن كان سيُسمح له بذلك ، حتي فيما بعد
أما في الوقت الحالي فهو يجلس و يقيّم كل الكعك المخبوز آملاً أن تطلع الكعكة المصرية أو العربية بالشكل صحيح
عندي هذه العادة الحمقاء من الضحك المفاجئ . بالفعل رأيت الكعكة في خيالي ، و لم تكن مستوية السطح و لا ملساء كما كنت أتمني . رأيت نفسي أقضمها هنا و هناك . عندها بالطبع كنت سكرانا و مسألة الكعك هذه بدت طريفة للغاية ، خاصة القضم . فقهقهت بصوت عال
بيرة في نادي البلياردو ـ وجيه غالي

Wednesday, May 17, 2006

رجال الشرطة شياطين . و هم يملكون جحيم الأرض و ينفثون النيران في الوجوه الشاحبة . يطرقون الأبواب بأيد أليفة كأحباب ثم يفتحون البيوت كالأعاصير . و يقف الكهل بين أيديهم مجرداً من الكرامة فيفترس الخوف قلبه و يوقن بأن الحياة وهم و ضياع . و ينقبون الجداران و الحشيات و الجيوب و الخزائن فتتلاشي المسرات و الأخيلة . عند ذلك يسير بينهم بلا أرجل ، بلا أعين ، بلا غد ، تطن في أذنيه همهمة مغلفة باللعنات ، وإن يتبقي له رمق فسيردد بصوت محشرج : لقد انتهيت
الحب تحت المطر ـ نجيب محفوظ

Sunday, May 07, 2006

ـ عزت بك
ـ شيء يسير
ـ إنني اريد أن أعرف . أرجوك
ـ لست في حاجة إلي رجاء
ـ قبضوا علي سنوات . خمس سنوات
خلع الرجل نظارته . تفحص وفيق بدون نظارة
كأن وفيق انفجر :
ـ لم أعد قادراً علي النوم
ـ .....................
ـ اهتزت الريشة بين أصابعي
ـ ........................
ـ اختلطت الألوان في عيني
ـ .........................
ـ الدنس يملأ رأسي
ـ .........................
ـ امرأتي خانتني
ـ..........................
ـ و ابني سامح ليس ابني
ترنح وفيق . كاد يسقط . أعانه الرجل علي الوقوف . دفعه إلي أن يمشي . اتجه وفيق إلي الباب
قال الرجل : إني آسف يا أستاذ
أغلق الباب بالمفتاح ، عاد يزيل أثر القهوة التي انسكبت علي السجادة الفاخرة
محاكمة في منتصف الليل ـ محمد جلال