Sunday, April 05, 2009

عن فن الردح

الردح كالزغاريد فن مصري أصيل، وكما أن الزغاريد لا تجيدها كل النساء فكذلك الردح هناك متخصصات فيه يحفظن عددا لا نهاية له من الشتائم والأوصاف، بعضها عادي وبعضها فيه تشبيهات واستعارات وكنايات، وبعضها أدب خالص. ولا يكفي الحفظ بل لابد أن يكون في استطاعة الواحدة منهم أن تلضم الكلمة في الكلمة بلا تردد أو توقف، وتصنع من الشتائم سيالا متدفقا لاينقطع، فإذا انقطع وقع المحال. ولابد للشتمة المستعملة من وقع وموسيقى، ولابد أن يكون للصوت المستعمل مقام معين يرتفع في الأماكن المهمة إلى "السوبرانو"، وينخفض عند بعض الكلمات الماسة إلى "الألتو". فمع أن المسألة شتيمة في شتيمة إلا أن هناك على كل حال شتائم لا تصح، ونحن شعب مؤدب وخجول بطبعه. ثم لابد للرداحة من موهبة فطرية تستطيع بها أن تخرج أرفع الأصوات و أعلاها بأقل مجهود، حتى لا تستنفد طاقتها وحتى تستطيع الصمود. فالردح مسابقة والفائزة هى من يعلو صوتها ويظل عاليا إلى النهاية
والفنون كالغذاء لابد من مزاولتها على الدوام....وكان طبيعيا إذن ألا ينقطع الردح عن الحارة ليلاً أو نهاراً، ولا يعرف عطلة أو راحة

هى...هى لعبة - يوسف إدريس