زيارة قبر
طينا من الطين انجبلت ففي دمي المركوز من طبع التراب الحي: فورة لازب, و تخمر الخلق البطىء, ووقدة الفخار في وهج التحول, و انتشار الذرو في حرية الحلم, انفراط مسابح الفوضى حصى, و صلابة الفولاذ في حدق الحجارة و اليواقيت, انخطفت بنشوة الحمى, الأوابد من وحوش الطير تحملني و تمرق..في حواصلها أعاين محنة الملكوت و الأرض الفسيحة. خفقة تعلو و رفرفة تسف, و بابك الفلك المدور يا أبي و تاجك الطيني و القفل الخبالة و الشراك و هجعة الأطيار إن حل الظلام ـ على الشواهد ـ فوق صبارات قبرك, صوتهن بكل معترك الجواء و مجتلى الدم و المنام هو النداءات الخفية من ترابك و المخاطبة العصية من ترابي.
صحو هو الفجر المعلق من ثريات القصيدة إذ أحرك في ضرام الخضرة الشمس التي صدئت على أقفال بابك يا أبي ناديت في طقس الزيارة: كيف أزمنة التراب و كيف تنجبل السلالة من أبي.
ناديت و الفجر المشعشع تحت أجنحة الغراب.
يستنفر الطير الأوابد ـ من مجاثمها البليلة بالتذكر ـ للسياحات العلية في اجتلاء الأرض و الدم من بداية بابك الطيني حتى منتهى صوتي المجلجل بالخطاب.